سبحان الله

كنت عائداً إلي بيتي مبتسماً منتعش قلبي كعادتي , فرأيت مجموعة نساء لابسن أسود و رجال يضعون الكراسي علي جانبي الشارع و لا صوت سوي القران الكريم , فراحت بسمتي و أنقبض قلبي , لقد توفي أحد . فأسرعت إلي صديقاً لي كان واقف جانباً في حزن و سألته متلهفاً " من مات ؟ " فأجابني " أنه يوسف الساكن بالأول من منزلكم , فاتسعت عيناي و لبستني الدهشة و لازمني الصمت , ثم جلست علي أحد الكراسي و سرعان ما جرت الدموع من عيني , أنه شاب خلوق محترم يعرف دينه , من أسرة طيبة بسيطة منعزلة بعض الشيئ فليس بينهم و بين أحد سوي إلقاء السلام عليه أو رده , و زاد حزني حين تذكرت أن يوسف قد كتب كتابه منذ شهور قليلة و كان مقبلاً علي الزواج . أنه في أوائل العشرين من عمره . و بقيت أبكي كأنه أخي أو صديقي الأول ....
.....................................
و فجأه.. توقف بكائي و تحول حزني إلي دهشة ثم إلي غيظ و انفعال , حين حركت عيني إلي اليسار قليلاً , فرأيت من يدعي عندنا " أبو ياسين " المتخطي السبعين من عمره , ذو الجلباب القديم و اللحية المتربة , الرجل الذي يحمل له الجميع كراهية و ضيق , حتي زوجته و أبنائه معهم دائماً في مشاكل صراع .
و تسائلت في نفسي.. كيف يموت شاباً خلوقاً جميلاً , في كامل صحته , مقبل علي الحياة مبتسماً , تنتظر أسرته منه كثيرا كما ينتظر هو من الحياة كثيراً أمالاً و طموحات , كيف يموت هذا و يبقي أخر عجوزاً مكحكحاً لا فائدة منه , يكرهه الجميع , بل أظنه هو الأيضاً يكره نفسه و حياته و الجميع , ما فلسفة الموت هذه , أعبثاً هو و ارتجالاً , لا تنظمه نظم , و لا تقننه مبادئ و قوانين......
و أحمد الله أنني قبل أن أستمر في طريقي نحو الأعتراض علي ما قضي الله , و قبل أن يستمر عقلي في تمرده و انفلاته , رنت في أذني و نحتت في قلبي أيه كريمة بصوت الرقيق محمد جبريل تقول : " .... و عسي أن تكرهوا شيئاً و هو خير لكم و عسي أن تحبوا شيئاً و هو شر لكم الله يعلم و أنتم لا تعلمون "
فقلت سبحانك يا ربي و غفرانك إنك غفور رحيم , و إنني لجهول أحسب نفسي فيلسوف حكيم .
...................................
و تذكرت صديقي الذي كان موهوباً في كرة القدم , و حين ذهب للإختبار سقط هو و نجح من هم أدني منه و أقل موهبة . كما تذكرت صديقتي التي ذاكرت مادة ما جيداً و حلت أفضل من الجميع و نجح الجميع و رسبت هي . و تذكرت دكتاتوراً قابضاً علي شعبه و بلده سنوات طوال و في هذا الشعب و هذا البلد من هم أقدر منه و أهلاً عنه للولاية .
و ما كان لي إلا أن أقول سبحانك يا الله , إنك تعلم و نحن لا نعلم ...
( إمام أحمد )

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

ربنا يهديك
ويارب النجاح يكون حليفك دايما نور

غير معرف يقول...

اخ الفاضل - اختى الفاضلة

عضو اتحاد المدونين المصريين

كل عام ونحن جميعا الى الله اقرب

كل التهنئة بقدوم شهر رمضان

اعاده الله علينا جميعا بالخير والبركات

ودعواتنا جميعا بتحقيق الامال التى نصبوا اليها

ولاء عبد الحافظ يقول...

فعلا الناس الكويسه هى الى بتسبنا وبتموت ,بس سبحان الله اكيد ربنا ليه حكمه كبيره فى كده واحنا مش عارفين ايه هى الحكمه فى كده ومش مهم نعرفها ولا حتى نشغل دمغنا بيها المهم اننا نحمد ربنا ونشكره على اى حاجه سواء كانت حلوه او وحشه من وجهه نظرنا لان ربنا جميل ولازم دايما نشكره ,ناس كتير لما بيفرقها حد كان هو كل حياتها بتزعل اوى ودمغها بتفكر كتير وممكن فى الوقت ده ايمانها بالله يضعف اوى لاقدر الله ,الاحسن لينا كلنا اننا فى اى موقف صعب علينا نفتكر الايه الى انت ذكرتها لانها بجد هاتريحنا اوى فى المواقف دى وفى الاخر لازم كلنا نقول الحمد لله ............